أدى ضم روسيا لشبه جزيرة ِالقرم وجهودها لزعزعة استقرار شرق أوكرانيا إلى إجبار الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين على إعادة تقييم نهجهم تجاه أمن أوروبا، تتناول هذه الدراسة المنطقة التي كان ينظر إليها قبل ذلك على أنها مستقرة وآمنة. كذلك أوجه ضعف حلف شمال الأطلسي (الناتو) والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالضغوط الاقتصادية والعسكرية الروسية وفيما يتعلق بالنفوذ الروسي في سياستهم الداخلية.
سوف تتناول تقارير لاحقة الإمكانات الروسية ونواياها، بالإضافة إلى تزكية
مزيد من الإجراءات الأوروبية الممكنة ، وتشمل الدراسة عشرات الصفحات من التحليلات والتوثيقات التي سيوافيكم بها مركز العلاقات الدولية للسلام والأمن على شكل حلقات بحثية . وهاكم ملخصات لهذه التقارير :
أوجه الضعف العسكري
لقد أدى ضم شبه جزيرة ِ القرم وزعزعة استقرار شرق أوكرانيا إلى ظهور شعور كبير بانعدام الأمن والضعف بين الدول المجاورة لروسيا. وهذا الشعور بالضعف يبدو حاد ا لقرب هذه الدول من روسيا وهي دول البلطيق على وجه التحديد (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا) نظرا لعدم التوازن الكبير في القوات العسكرية بين روسيا ودول البلطيق. أدى السلوك الروسي إلى ازدياد مخاوف دول البلطيق. فقد تزايدت انتهاكات الحدود والمجال الجوي والمياه الإقليمية بشكل كبير. كما أجرت روسيا مجموعة من التدريبات واسعة النطاق في المنطقة، حيث أجرت مناورة خاطفة في المنطقة العسكرية الغربية ضمت ما يصل إلى38000 جندي،
تحلل هذه الدراسة أربعة أنواع مختلفة من الأعمال العسكرية التي يمكن أن تقدم عليها روسيا وتبعاتها على أمن دول البلطيق: (1 (عمل عسكري قصير المدى على نطاق واسع للاستيلاء على جميع أنحاء دول البلطيق أو أجزاء كبيرة منها
(2 (إجراء تكتيكات تطابق تلك التي تتم في شرق أوكرانيا بهدف التحريض على القيام بحركات التمرد
(3 ( محاولة الاستيلاء على جزء صغير من الأراضي التي ينطق أغلبية سكانها بالروسية
(4 ( القيام بعمليات اجتياح محدودة ومؤقتة للمجال الجوي أو الأراضي البلطيقية عن طريق أفراد عسكريين روس.
تعتبر جميع هذه الأعمال في نطاق الإمكانات الروسية. فبالرغم من عدم وضوح نوايا موسكو، فقد أدى سلوك روسيا في ِ القرم وشرق أوكرانيا إلى حتمية أن يستعد حلف شمال الأطلسي (الناتو) لإمكانية اتخاذ موسكو إجراءات عسكرية قد تهدد سيادة دول البلطيق واستقلالها. في ظل وجود مقاومة محتملة من حلف شمال الأطلسي (الناتو) بدون تهديد استخدام الأسلحة النووية. وفي هذا الصدد، من الجدير تذكر أن أوروبا والولايات المتحدة لا تزال عرضة لهجوم نووي روسي، كما هو حال روسيا التي قد تكون عرضة لهجوم نووي أمريكي، وفرنسي، وبريطاني. تعتمد جميع هذه الدول على التهديد بالانتقام لردع أي هجمات من هذا القبيل. وفي فترةا لإعداد حتى انعقاد قمةحلف شمال الأطلسي (الناتو) التي أقيمت في ويلز ناقش الأعضاء البولنديون والبلطيقيون مسألة أن ضم شبه جزيرة القـِرم وجهود زعزعة استقرار شرق أوكرانيا قد غيرت جذريا بيئة الأمن الحالية بالإضافة إلى إجراء تعديلات في وضع القوة الأساسي الخاص ً تغيير بحلف شمال الأطلسي (الناتو). حيث سعوا جاهدين إلى أن يقوم حلف شمال الأطلسي (الناتو) بنشر قوات قتالية بشكل دائم على أرض الدول الأعضاء الشرقيين. ومع ذلك، ثبتت استحالة التوصل لإجماع بالقمة حول وضع قوات قتالية بشكل دائم على الأراضي الشرقية لرفض دول وخصوصا ألمانيا، لذا اعتمد حلف شمال الأطلسي (الناتو) على "التواجد" ( ً عوضا عن وجود دائم)، توفره قوات متناوبة. وخصوصا من بولندا ودول البلطيق، من أجل نشر إلا إنه كان هناك ضغط متزايد، ً وجود دائم من جانب الولايات المتحدة و/أو حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أراضيهم. وفي قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) ،اتفق قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) على "التواجد الآجل (اللاحق) المدعوم" والذي يضم ً خططا للنشر على أساس تناوبي مستمر للكتائب الأربع متعددة الجنسيات، بحيث تتمركز كتيبة واحدة في كل دولة من دول البلطيق الثلاثة وبولندا "والتواجد الآجل (اللاحق) المعد حسب ا في التواجد الآجل ً الطلب" في جنوب شرق أوروبا. وبالرغم من أن هذا القرار يمثل نمو (اللاحق)، فمن المحتمل استمرار وجود فجوة بين تواجد حلف شمال الأطلسي (الناتو) المرجو والذي تم توفيره في الجناح الشرقي للتحالف. وسواء سيتوصل التحالف إلى إجماع فيا لرأي أ م لا، فسيعتمد هذا الأمربشكل كبير على سياسات روسيا وإجراءاتها. وفي حالة رأى التحالف أن روسيا تنتهك اتفاقية مينسك الثانية التي وقعت عليها روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا في أول شباط (فبراير) 2015 أو إذا قامت موسكو باتخاذ إجراءات أخرى، مثل دعم محاولات الانفصاليين في بسط سيطرتهم على ٍ أراض تتجاوز تلك التي يسيطرون عليها بالفعل، فقد يزداد الضغط على حلف شمال الأطلسي (الناتو) لإعادة النظر في مسألة تمركز قوات قتالية بشكل دائم على أراضي الأعضاء الشرقيين للتحالف واتخاذ إجراءات أخرى، مثل التمركز المسبق لمزيد من المؤن والمعدات على أراضي الأعضاء الشرقيين للتحالف. لا تتطلب تحركات من هذا ا من التحالف، على الرغم من أنه سيتم بذل الجهود للحفاظ على إجماع ً ا رسمي ً النوع قرار واسع النطاق قدر الإمكان. ا بشأن التفاوت المتزايد في ً لا تبدو الحكومات الأوروبية قلقة بشكل كبير حالي الأنظمة ذات الاستخدام النووي/المزدوج شبه الاستراتيجي بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا. قد يتغير ذلك إذا أصبح الصراع المحتمل مع روسيا في دول البلطيق، أو ا بشكل أكبر، وربما قد يقود الحكومات الأوروبية إلى الإلحاح على ً في أي مكان آخر، مباشر تعويض التطور الأمريكي ونشر أنظمة كهذه، كما قامت بذلك في الثمانينيات.
أوجه ضعف الاستثمار والتجارة
تعد أوجه الضعف الأوروبي تجاه العراقيل الموجودة في التجارة غيرالمرتبطة بالطاقة أو في إجمالي واردات الاتحاد من لتدفقات المالية محدودة للغاية. تأتي حصة صغيرة من امن الطاقة الأوروبي غير المتعلقة بالطاقة من روسيا. يمكن تغطية الاحتياجات الأوروبية بسهولة من خلال موردين آخرين، باستثناء سلع قليلة مثل التيتانيوم.
ليتوانيا،وفنلندا، وإستونيا، وبولندا والنرويج، تأثرت اقتصادياتها أكثر من غيرها نتيجة للعقوبات المضادة الروسية على المنتجات السمكية والزراعية وسلع الماشية، وذلك بالمقارنة مع دول أوروبية أخرى، غير أن هذه الدول قد أظهرت ً أيضا عزيمة قوية ضد الضغط الروسي. كما عانت الاقتصادات الأوروبية المتقدمة ا في النمو القائم على التصدير في العديد من ً ً أيضا، أولها وعلى رأسها ألمانيا، تباطؤ الصناعات غير الزراعية، مثل الصناعات التحويلية، والسيارات، والمواد الكيميائية، والآلات، وذلك بسبب انخفاض القوة الشرائية الروسية والحصول على الائتمان، ولكن كان لذلك تأثير محدود على الاقتصاد العام لألمانيا حتى الآن. يتزايد الضغط بين العديد من الحلفاء الأوروبيين لرفع العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي. وقد تم الإجماع على ذلك حتى الآن. ،و صوت الاتحاد الأوروبي للحفاظ على العقوبات.باستثناء بعض الامتيازات الكبيرة من جانب موسكو، فمن المحتمل أن تبقى العقوبات كما هي بالنسبة للمستقبل المنظور
أوجه الضعف المتعلقة بالطاقة
تعد أوروبا أقل عرضة للتأثر من روسيا عما هو متصور بشكل فيما يتعلق بتدفقات الطاقة، على الرغم من أن روسيا هي أكبر مورد للنفط الخام المستورد والمنتجات النفطية المكررة، إلى حد كبير، للاتحاد الأوروبي، إلا أن قدرتها محدودة على تهديد دول أعضاء الاتحاد الأوروبي بوقف إمدادها. ولأن النفط الخام يتم تداوله في السوق العالمي، إذا كان على روسيا تحويل النفط إلى أسواق أخرى، فسيتم فقط إعادة تنظيم الإمدادات النفطية الخام العالمية، وذلك لأن النفط الخام الذي تقوم روسيا بضخه في أسواق غير أوروبية قد يجد طريقه إلى أوروبا. تعتمد بعض مصافي التكرير الأوروبية المركزية على تلقي الخام الروسي من خلال خط دروجبا (Druzhba ، غير أن روسيا ستمر بوقت عصيب لتحويل تلك الإمدادات إلى أسواق تصدير أخرى بسبب القيود المفروضة على قدرتها في موانئ تصدير النفط لديها. وفيما يتعلق بالغاز الطبيعي، قد تعمل مجموعة من الواردات المتزايدة للغاز الطبيعي المسال، وزيادة استخدام الوقود البديل، بما في ذلك الفحم ومصادر الطاقة المتجددة وزيت الوقود وإدارة الطلب على الكهرباء والحد من الاستخدام الصناعي للغاز الطبيعي، على تعويض إجمالي وقف واردات الغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي ككل. ومع ذلك، فإن الغاز الطبيعي هو ورقة الضغط التي تستطيع روسيا فرضها على العديد من الاقتصادات الأصغر في شمال شرق أوروبا ووسطها والتي تعتمد بشكل كبير على الواردات الروسية. قد يعمل التطور المستقبلي لمحطات الغاز، والتدابير التعاونية من الاتحاد الأوروبي، في الوقت نفسه، على تخفيف آثار وقف التوريد الروسي المحتمل للغاز إلى هذه الدول. ومن الأهمية بمكان ملاحظة أن استخدام واردات الطاقة كورقة ضغط ضد الدول الأوروبية قد يكون ً تكتيكا ً مكلفا لروسيا، التي يقوم اقتصادها إلى حد كبير على الإيرادات الناتجة عن مبيعات الغاز الطبيعي. ً كما قد تحاول روسيا نظريا قطع اتصالها لشبكة الطاقة الكهربائية لجمهورية البلطيق، والتي تتصل ً أيضا ببيلاروس وكالينينغراد. ولكن سيتعين عليها أن تستثمر ً أولا في دمج توزيع الكهرباء على أراضيها للشبكات الكائنة في مناطق مختلفة من روسيا. وفي النهاية، من المحتمل أن تستفيد روسيا من عروض الوصول إلى احتياطياتها الكبيرة لحث شركات الطاقة الأوروبية للضغط على حكوماتها
أوجه الضعف السياسي
يرتبط آخر مصادر أوجه الضعف بالسياسات الداخلية الأوروبية. فمن الممكن أن تحاول روسيا دعم عدم الاستقرار في بعض الدول، على وجه الخصوص إستونيا ولاتفيا، والتي لديها أقليات كبيرة ساخطة ناطقة بالروسية. وفي أقصى الجنوب، تواجه اليونان وقبرص صعوبات اقتصادية شديدة، وقد أبدت قيادة المجر بعض التعاطف مع فلاديمير بوتين. ومع ذلك، ليس من المحتمل أن تخاطر أي من هذه الدول بتحدي الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي (الناتو) في إحدى القضايا ذات الأهمية السياسية الجوهرية مثل العقوبات المفروضة على روسيا. فقد تعمل تلك الدول على تعقيد عملية صنع القرار بالنسبة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) و الاتحاد الأوروبي، بيد أنه ليس من المحتمل أن تتمكن من فرض مراجعة للعقوبات في المستقبل القريب. أحد المخاوف المهمة الأخرى هي ظهور الأحزاب اليمينية المتطرفة، ، مثل الجبهة الوطني (Front National بفرنسا.
واحتمالية اتساع الاختلافات الصغيرة. فالدول الأوروبية تختلف بشأن كيفية الاستجابة للتهديد وخصوصا دول البلطيق وبولندا، من أجل استجابة قوية، بحيث الروسي. يتناقش البعض، ً تضم نشر قوات قتالية وحضور دائم لها على أراضي الأعضاء الشرقيين للتحالف. وخصوصا إيطاليا وإسبانيا واليونان وسلوفاكيا، في رفع العقوبات بينما ترغب دول أخرى بالضغوط المفروضة على روسيا وتفضل العودة إلى إبقاء الأمور على حالها. سيكون دور ألمانياوسيتابع العديد من أعضاء الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) مصيري بعناية لمعرفة الموقف الذي ستتخذه برلين. حول كيفية الرد على سلوك روسيا الاستفزازي الحازم بشكل متزايد، مع وجود مخاوف أمنية واقتصادية أخرى يجب وضعها في الاعتبار. وفي الوقت الحاضر، يبدو أنه من السهل التعامل مع هذه الاختلافات. ولكن إذا ازدادت حدة تلك الاختلافات، فقد تشكل عقبة كبيرة أمام الوحدة الأوروبية والدول العابرة للأطلسي
يتبع ...
تعليقات